فلسطين: تاريخ النزوح

فلسطين: تاريخ النزوح

3 أكتوبر، 2017

لا زال أبناء شعبنا الفلسطيني الذين يعيشون تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي يتعرضون حتى وقتنا هذا إلى خطر كبير يتمثل في تهجيرهم واتنزع ملكية أراضيهم، حيث واصل التاريخ تكرار نفسه في هذه المسألة، فمنذ مطلع القرن العشرين، تعرض أبناء شعبنا الفلسطيني لموجات نزوح داخل وطنهم وخارجه، والواقع أن تاريخ فلسطين المعاصر هو تاريخ يتسم بخسارة فادحة للأراضي الفلسطينية .

التقسيم الاستعماري

في عام 1914م، انتزعت بريطانيا فلسطين من أيدي العثمانيين، وأصبحت فلسطين تًدار من قبل بريطانيا عام  1922 م بشكل رسمي، وذلك من خلال ولاية صادرة عن عصبة الأمم، وبحلول وقت الولاية، شهدت فلسطين هجرة يهودية جماهيرية، زاد من تدفقها إعلان وعد بلفور – وهو رسالة صادرة عن الحكومة البريطانية تعبر فيها عن تأييدها لإنشاء دولة يهودية في فلسطين.

وبحلول عام 1922م، كان هناك 80 ألف يهودي استقروا في فلسطين وسط 675 ألف مسلم ومسيحي فلسطيني، وفي ذلك الوقت، كان الفلسطينيون يشكلون 95٪ من إجمالي سكان فلسطين، لكن الهجرة اليهودية ارتفعت في السنوات التالية، وبحلول عام 1945م، بلغ عدد اليهود نصف مليون شخص مقابل ما يقرب من 1.2 مليون فلسطيني عربي.

في عام 1947م، وبالتزامن مع القتال البريطاني من أجل مكافحة تمرد الجماعات الإرهابية اليهودية، مثل الأرغون وعصابة شتيرن، وحرصاً على الانسحاب البريطاني من فلسطين، طرحت الأمم المتحدة “خطة التقسيم”. ومن شأن هذه الخطة أن تقسم فلسطين إلى دولتين منفصلتين: واحدة للعرب الفلسطينيين، تمثل 44٪ من الأراضي، والأخرى لليهود، وتمثل 56٪ من الأراضي المتبقية، على الرغم من أن العرب الفلسطينيين يشكلون الأغلبية السكانية، وكان ذلك هجوماً مباشراً على حق الفلسطينيين في تقرير المصير – حق الفلسطينيين في حكم وطنهم – وهذا التقسيم رفضه القادة العرب. كما ويشير المؤرخون إلى خطة التقسيم باعتبارها إهانة للديمقراطية.

التطهير العرقي

ومع بدء انسحاب البريطانيين من فلسطين عام 1948م، غمرت الميليشيات الصهيونية الشوارع، بما في ذلك أكبر الميليشيات المعروفة باسم الهاغانا (التي أصبحت تُعرف فيما بعد بجيش الدفاع الإسرائيلي)، وشنت حملة لطرد الفلسطينيين من منازلهم وقراهم. وشكلت حملة التهجير والتطهير العرقي التي قامت بها الهاغانا الأساس لما أصبح يُعرف لاحقاً بإسرائيل، وفي الأشهر التي أعقبت ذلك، أجبر ما لا يقل عن 750 ألف فلسطيني على ترك أراضيهم خلال أعمال التطهير العرقي الجماعي. وتأسست إسرائيل  على هذه الأراضي المسروقة، وفي محاولة لتخفيف الحمل عن أجيال المستقبل من الخطيئة الإسرائيلية الأصلية، تزعم الرواية الإسرائيلية المشتركة في الوقت الراهن أن الجيوش العربية هاجمت اسرائيل بعد وقت قصير من نشأتها. وفي الواقع، استخدمت الميليشيات الهاغانية والصهيونية العنف وتكتيكات التطهير العرقي من أجل الحصول على الأراضي الجماعية وطرد العرب الفلسطينيين. ولم تتوقف عمليات الاستيلاء على الأراضي إلا بعد تدخل القوات الأردنية التي تحركت إلى الضفة الغربية، والقوات المصرية التي تحركت إلى غزة.

وبعد عقدين من الزمن، في حزيران / يونيو 1967م، استولت إسرائيل على قطاع غزة والقدس والضفة الغربية خلال حرب الأيام الستة، وحاربت جيوش مصر والأردن وسوريا. وقد أجبر الفلسطينيون مرة أخرى على ترك منازلهم باستخدام العنف والترهيب، ولكن التشرد لم ينتهي عند هذا الحد، بدأت اسرائيل برنامجاً ضخماً لبناء المستوطنات غير القانونية من أجل استعمار هذه الأراضي على الفور، وفي الوقت الحالي، يوجد أكثر من 120 مستوطنة و 600 ألف مستوطن في جميع أنحاء الضفة الغربية والقدس الشرقية.

ولتمهيد الطريق أمام هذه المستوطنات، تستخدم إسرائيل مجموعة متنوعة من الأساليب غير القانونية والعنصرية لإزالة الوجود الفلسطيني من الأرض. حيث أن الهدف الأساسي لإسرائيل هو نفسه دائماً: السيطرة على أقصى قدر ممكن من الأراضي الفلسطينية، مع وجود أقل عدد من الفلسطينيين عليها.

يجب أن نتعلم من دروس الماضي

إن التاريخ الفلسطيني المعاصر يجب أن يكون بمثابة رسالة واضحة وصريحة بأن الشعب الفلسطيني لن يقف مكتوف الأيدي إزاء التهديد الخطير لحقوقه الإنسانية ووطنه، ولقد أظهرت إسرائيل بوضوح وبشكل متكرر عزمها على تهجير الشعب الفلسطيني ونهبه، ويجب الاعتراف بهذه الحقيقة والاستجابة لها، يجب أن نتعلم من دروس الماضي ونأخذ العبرة. ويجب على أبناء الشعب الفلسطيني أن يفعلوا كل ما في وسعهم لمقاومة عملية سلب أراضيهم من قبل إسرائيل، وأن أحد أقوى أشكال المقاومة هو أن يتمسك الفلسطينيون بجذورهم وأن يستثمروا في وطنهم. يجب على أبناء الشعب الفلسطيني حماية أراضيهم، ويقدم مشروع “طابو” الذي يقوم بتوفير الأراضي بأسعار معقولة حلاً عملياً لمشكلة حقوق الملكية في فلسطين، ولقد استغلت اسرائيل منذ فترة طويلة محنة الفلسطينيين التي لا حول لهم فيها ولا قوة. وحتى وقتنا الحالي، لا تزال مناطق شاسعة من الأراضي الفلسطينية غير مسجلة، وبالتالي فهي عرضة للاستيلاء الإسرائيلي. وإذا لم يحدث تغييرات، سيستمر التاريخ الوحشي في تكرار نفسه.

المتابعة إلى المشاركة التالية

اترك تعليقك

اتصل بنا: +972 2 2974992

احجز أرضك الآن

تواصل مع المستشار الاستثماري